الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية

محاضرة بعنوان

الجانب الأمني الوقائي

في تنظيم التظاهرات

مقدمة: 
عند تناولنا لهذا الموضوع فإنه يجب الإشارة إلى الصعوبات التي تواجهنا من حيث النقص أو انعدام الوثائق التي تطرقت بالدراسة إلى الموضوع، مما يؤدي بنا إلى ضرورة البحث عن التعريف العلمي أو القانوني أو التنظيمي الشامل والجامع لها، وهذا مجال اختصاص القانونين غير أننا نحاول أن نعتمد على ما هو متوفر حول الموضوع، وكذا مختلف التجارب والخبرات الميدانية.

I تعريف التظاهرات:
 هي تلك النشاطات والدورات والتجمعات المرخصة، التي تقام وفق ما يسمح به القانون، الهدف منها إقامة نشاطات تشبع حاجات عامة أو خاصة، تتصف بالتحضير والتنظيم والاستمرارية، ونظرا لما تكتسبه هذه التظاهرات من أهمية في حياة المجتمعات والدول، فإن الحكومات تولي أهمية قصوى لضمان إستمراريتها وذلك بما توفره من جوانب تنظيمية وتشريعية وما تسخره لحمايتها من كل تهديد قد يؤدي إلى عرقلتها.

 

II الأخطار التي تهدد مختلف التظاهرات:

 

ما يهم في هذا المجال هو تحديد الأخطار التي تهدد مختلف التظاهرات والنشاطات، ومدى جسامتها وكذا درجة تأثيرها على السير الحسن للتظاهرة، والتي يمكن تصنيفها إلى نوعين
أ - الخطر الداخلي: من البديهي جدا أن احتمال تعرض التظاهرة لتهديد ما من الداخل وارد للأسباب التالية:
-       تهديد خارج عن إرادة الإنسان كالحرائق والانهيارات وتسرب المياه، الغاز...الخ.
-       تقصير وإهمال في أداء العمال لمهامهم.-       وجود نية وإرادة تخريب وتعطيل التظاهرة من الداخل.
-       الإخلال بالنظام العام وكذا السير الحسن للتظاهرة...الخ.
ب - الخطر الخارجي: إن هذا الجانب يعتبر من أصعب الجوانب لكونه يرتبط بعوامل وتهديدات خارجية متنوعة وخطيرة، قد تؤدي في بعض الحالات إلى شل التظاهرة، أو الحد من فعالياتها وأوجه أنشطتها، وهذا مرتبط بدرجة استقرار أمن البلاد، وكذا مد توفر حفظ النظام داخل المجتمع، وعموما يمكن حصر هذه الأخطار باختصار فيما يلي:
- أخطار طبيعية (تقلبات مناخية، زلازل...الخ).
- أخطار بشرية (أعمال إرهابية، أفعال إجرامية، إخلال بالنظام العام...الخ).
 - أخطار صحية (انتشار أوبئة وأمراض...الخ).

III حماية التظاهرات: أمام جسامة وخطورة التهديدات التي يمكنها المساس بأمن وأمان التظاهرات على اختلافها، تطلب الأمر وضع قواعد أمن فعالة تضمن سلامة مختلف التظاهرات ومن فيها ومنها ما يلي:
أ – الإطار التنظيمي: بالإضافة إلى جملة النصوص والقوانين واللوائح، المنظمة والمحددة لكيفيات وأشكال حماية مختلف التظاهرات، يسجل ما يلي:

- تعليمة السيد وزير الشبيبة والرياضة رقم 14 المؤرخة في 15 ديسمبر سنة 2005 المتعلقة بالإجراءات الواجب اتخاذها بمناسبة التظاهرات الرياضية. 

- المنشور الوزاري للسيد وزير الشبيبة والرياضة رقم 001 المؤرخ في 09 يناير سنة 2006 المتعلقة بالإجراءات الوقائية خلال التظاهرات واللقاءات الرياضية.

 

ب - الإجراءات الداخلية: ولمواجهة مثل هذا التهديد هناك جملة من الإجراءات يجب أن تؤخذ في الحسبان ومنها:

1.   وضع مخطط للتدخل والنجدة، مع تقييم كل المخاطر المحتملة ومدى تأثيرها على السير الحسن للتظاهرة.

2.   القيام بالتحريات عن الأشخاص العاملين بالتظاهرة.

3.   تسجيل أسماء العاملين حسب فئاتهم والمهام الموكلة لكل منهم.

4.   التأكد من المعلومات والصفات الموجودة في ملف كل عامل يتم تأهيله للعمل.

5.   تسلم بطاقة أو شارة لكل عامل تتضمن هويته، صفته، وعنوانه بدقة وتلزم صاحبها بشروط معينة.

6.   مراقبة حركة العاملين عند الدخول والخروج من العمل ..الخ.

7.   توفير كل وسائل التدخل والنجدة داخل التظاهرة، وفقا لما يقتضيه مخطط التدخل والنجدة.

8.   تسخير كل الأجهزة المكلفة بتوفير الأمن والأمان بالتظاهرة (شرطة، حماية مدنية، مصالح الصحة، مصالح المياه، الكهرباء، النظافة، ...الخ).

9.   التحكم في الدخول والخروج، الأمر الذي يكتسب أهمية قصوى، ويتطلب جهدا ويقظة مستمرة حتى نضمن الأمن الداخلي للتظاهرة.

 

وعلى هذا الأساس يجب أن يسخر لكل تظاهرة جهاز أمن داخلي يضبط خطة عمل تشمل كل الإجراءات والاحتياطات الضرورية والمناسبة لمواجهة كل تهديد داخلي.

 

وهذه الإجراءات تختلف من تظاهرة إلى أخرى، وذلك حسب أهمية التظاهرة، ونوع النشاط الذي تمارسه، وموقعها...الخ.

 

ج - الإجراءات الخارجية:
 لضمان تحقيق حماية التظاهرة من الخارج يستلزم الأمر الاعتماد على بعض الجوانب الرئيسية منها:
1 تحديد مكان التظاهرة: إن تحديد مكان التظاهرة يلعب دورا في تجنيد الوسائل المادية والبشرية لضمان حمايتها من الخارج، ويفرض توفر احتياطيات وقائية معينة
2 حراسة مداخل ومخارج مركز التظاهرة: 
هي نقاط تسمح بحركة تنقل الأشخاص والمركبات من وإلى مركز التظاهرة، وتعتبر أولى النقاط التي تتعرض إلى الاقتحام أو التهديد، وهذا ما يستدعي إعطاء العناية اللازمة لتأمينها، وتخضع إجراءات الأمن المعدة لها إلى المراقبة الدورية، وتدارك تصحيح الأخطاء والتي عادة ما يكون نتيجة عوامل إنسانية (التغيب الإهمال والتقصير...الخ).
3 مراقبة وسائل النقل: إن وسائل النقل كثيرا ما كانت تشكل خطرا خارجيا يهدد أمن مركز التظاهرة، وخاصة بعد أن تطورت أساليب المجرمين واعتمادهم على تقليد وسائل النقل التابعة لمركز التظاهرة، أو الجهات التي تتعامل معه أو حتى سيارات رسمية وحكومية.
4 توفير كل الطاقات البشرية والمادية: يتم ذلك بتسخير كل الطاقات البشرية، وكذا الوسائل المادية الضرورية لتوفير الأمن والأمان لمختلف التظاهرات، وجعلها على أهبة الاستعداد للتدخل في الوقت والمكان المناسب.
ولهذا فإن هذا الجانب يجب أن تعطى له عناية كبيرة وتسخر له وسائل مادية وبشرية مناسبة ومؤهلة.

 

IV الأشخاص غير المؤهلين للعمل بأمن التظاهرات:

- القصر.

- الأشخاص المعاقبون بالمنع.

- الأشخاص المحرومون من حق أو الحقوق
المذكورة في المادة 08 من قانون العقوبات.
المادة 8: (قانون  رقم 82-04  المؤرخ في 13 فيفري 1982) الحرمان من الحقوق الوطنية ينحصر في:
 1.  عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السامية في الحزب أو الدولة وكذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة.
 2.  الحرمان من حق الانتخابات والترشيح وعلى العموم كل الحقوق الوطنية والسياسية، ومن حمل أي وسام.
 3.  عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبيرا أو شاهدا على أي عقد أو أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال.
 4.  عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو ناظرا ما لم تكن الوصاية على أولاده.
 5.  الحرمان من الحق في حمل الأسلحة وفي التدريس وفي إدارة مدرسة أو الاستخدام في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا.

- الأشخاص المعاقبون بسبب ارتكابهم لجرائم تمس بالآداب العامة، المتاجرة واستعمال المخدرات، العنف والتمرد اتجاه الأعوان أو ممثلي السلطة العمومية.

- الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام بسبب مخالفة الجمعيات غير الشرعية.

- الأشخاص المعالجون في مؤسسة الأمراض العقلية.

- الأشخاص الذين كان لهم ماضي مخالف للثورة التحريرية.

- الأشخاص الذين وبسبب اللامبالاة فقدوا السلاح الحائزين عليه بطريقة شرعية.

 

V دور مصالح الأمن في حماية التظاهرات:  إن دور مصالح الأمن (أمن وطني، درك وطني) يكتسي أهمية كبيرة في حماية مختلف التظاهرات، وعليه فإن هذه المصالح نجدها تخصص تشكيلات أمنية لأداء هذه المهمة الحيوية.

 

ويختلف التشكيل الأمني المكلف بحماية مختلف التظاهرات، باختلاف أهمية وحيوية التظاهرة نفسها، وعلاقة مسيرها بها، وتقوم مثل هذه التشكيلات بعدة مهام منها:

-       التنسيق والتعاون مع مسيرو التظاهرة.

-       إحكام المراقبة قبل وأثناء وبعد التظاهرة.

-       وضع حراسة ثابتة في أماكن معينة.

-       إقامة حواجز مراقبة.

-       القيام بدوريات راجلة وراكبة في الحيز المخصص للتظاهرة وفي محيطه الخارجي.

 

وأخذ كل إجراء أمني مناسب كغلق بعض المداخل ومنع توقف السيارات ومنع الدخول لبعض المناطق إلا لفئة خاصة وضمن شروط معينة...الخ.

 

كما نجد أيضا بعض التشكيلات الأمنية التي يتم وضعها بصفة مؤقتة بمناسبة القيام ببعض النشاطات الخاصة أثناء التظاهرة، أو بسبب الزيارات أو حضور بعض الشخصيات السامية للتظاهرة، أو بمناسبة القيام بنشاط ثقافي أو رياضي، يترتب عنه توافد مواطنين بشكل كبير إلى التظاهرة خلال فترة معينة، ويتم رفع التشكيل الأمني أو التقليل من عدده حسب الحاجة والظرف.

 

 

الخاتمة: إن الجانب الأمني لمختلف التظاهرات يعتبر الركيزة الحساسة، التي يرتكز عليها نجاح هذه التظاهرة بشكل كبير، لذلك فإن السلطات العليا في جميع بلدان العالم تولي هذا الجانب الاهتمام الأكبر في تنظيم أي تظاهرة مهما كان نوعها أو حجمها، بل وتعلق عليها أمال كبيرة في النجاح، وخير مثال على ذلك ما قامت به دولة الصين في هذا المجال أثناء تنظيمها لتظاهرة الألعاب الأولمبية بعاصمتها بيكين الصائفة الماضيةّ.